مجازر 08 ماي 1945...تضحيات لا تُنسى ورسالة تتوارثها الأجيال

مجازر 08 ماي 1945
08/05/2025 - 11:56

تحيي الجزائر، هذا الخميس، اليوم الوطني للذاكرة، المُخلّد للذكرى الـ80 لمجازر الثامن من ماي 1945، وهو حدث بارز يستحضر من خلاله الجزائريون إحدى أبشع المجازر ضد الإنسانية في القرن العشرين.

ورغم مرور 80 سنة على المجزرة الشنيعة، فإن آثارها لا تزال محفورة في الذاكرة الجماعية للجزائريين، حيث ظلت شاهدًا على فظائع بشعة كرّست الصورة القاتمة لسياسة الإبادة الجماعية التي انتهجتها فرنسا الاستعمارية. وقد شكّل هذا الحدث محطةً ومنعرجًا حاسمًا للانتفاضة الشعبية التي مهّدت الطريق لثورة نوفمبر 1954.

وقد فضحت المجازر المروعة التي ارتُكبت في سطيف، قالمة وخراطة، السردية التي كانت تروّج لها فرنسا الاستعمارية، بعدما تبيّن أن سبب اندلاع أعمال القتل والتنكيل ضد عشرات الآلاف من الجزائريين الذين خرجوا إلى الشوارع احتفالًا بنهاية الحرب العالمية الثانية، وتذكيرًا لفرنسا بوعودها تجاه من ساهموا في الدفاع عنها، كان هو المجاهرة بمطلب الاستقلال والاصطفاف خلف راية وطنية واحدة ظهرت بشكل تاريخي في ذلك اليوم.

ورسمت مجازر 08 ماي 1945 رسالة نبيلة تناقلتها الأجيال، وأظهرت مدى فظاعة التضحيات التي قُدمت في سبيل استرجاع الأرض والحرية، مما جعل من الذاكرة الوطنية ملفًا لا يَقبل التآكل بالتقادم أو التناسي، ولا يقبل التنازل أو المساومة.

المؤرخ زهير حمام: أحداث 8 ماي لحظة وعي وطفرة تاريخية

ويؤكد أستاذ التاريخ، زهير حمام، في تصريح لـ"ملتيميديا الإذاعة الجزائرية"، أن تاريخ 08 ماي 1945 يُعد مناسبة عظيمة ودفعًا جديدًا لجزائر الوعي، معتبرًا إياه ذاكرة وعي وإدراك بالنسبة للجزائريين، لمعرفة حقيقة المستعمر الذي سعى إلى استعمار الشعوب حتى في معتقداتها. وشدّد على أن استحضار هذا التاريخ يُعد بمثابة انطلاقة جديدة وثقافة متجددة للتضحية من أجل الوطن، لافتًا إلى أن أحداث 08 ماي تُعد طفرة تاريخية في إنتاج الوعي لدى الجزائريين.

شهادات عربية وتعتيم فرنسي

ولفت حمام إلى أن الجزائر قد دفعت الثمن غاليا خلال هذه المظاهرات، مشيرا إلى أن عدد الشهداء قد تجاوز 80 ألف شهيد، على عكس ما تم تداوله على ألسنة الصحافة العالمية التي كانت في عمومها تستند على تقارير فرنسية التي كانت دائما ما تقزم من حجم الضحايا مخافة من تدويل القضية الجزائرية والتغطية على الضغوطات التي كانت تشهدها فرنسا التي كانت تعاني أزمة دبلوماسية خانقة.

وأشار حمام إلى أن الجزائر دفعت ثمنًا غاليًا خلال هذه المظاهرات، موضحًا أن عدد الشهداء تجاوز 80 ألفًا، خلافًا لما روّجته الصحافة العالمية آنذاك، التي كانت تعتمد في مجملها على التقارير الفرنسية، والتي كانت تقلل عمدًا من حجم الضحايا، خشية تدويل القضية الجزائرية، ومحاولة للتغطية على الضغوط التي كانت تعانيها فرنسا في ظل أزمة دبلوماسية خانقة.

الاستاذ في التاريخ زهير حمام

 

 

 

كما أوضح أن بعض الإحصائيات العربية، خاصة ما نُشر منها في المجلات المصرية، كشفت أن العدد تجاوز 80 ألف شهيدا، مشيرًا إلى وجود وثائق ورسائل محفوظة في المتاحف تؤكد أن العدد يفوق 85 ألفًا، بينما أشارت تقارير أخرى إلى أن عدد الشهداء لم يكن 45 ألفًا كما يُشاع، بل يفوق 80 ألفًا.

جهود لترسيخ الذاكرة الوطنية

وفي المقابل، ثمّن الأستاذ حمام الجهود المبذولة من قبل السلطات الجزائرية للحفاظ على الذاكرة الوطنية، من خلال اعتبار أحداث 08 ماي أحد الأسس الجوهرية لبناء المواطنة. كما سخّرت الدولة إمكانيات كبيرة لدعم البحث العلمي، عبر فتح العديد من المخابر والفروع والأقسام المتخصصة في القضايا التاريخية، بالإضافة إلى دعم الجمعيات الناشطة في هذا المجال. وبرزت أهمية الذاكرة الوطنية في استكمال وعي الجزائريين والتفافهم حول السياسة العامة للدولة، بهدف المحافظة على التاريخ الوطني.

الأستاذ في التاريخ زهير حمام
​​​​​
​​​​​​

 

 

 

 

المصدر: ملتيميديا الإذاعة الجزائرية-عمار حمادي

تحميل تطبيق الاذاعة الجزائرية
ios

 

OSZAR »